2009-11-21

عائد من معرض الكتـــــــــــــاب

***ع***عائد من معرض الكتاب

           في زيارة خاطفة لمعرض الكتاب الدولي الذي أقيم بالجزائر العاصمة بين 27 أكتوبر والسادس نوفمبر، يلفت انتباه الزائر للعدد الهائل من الزوار الذين توافدوا  على أجنحة المعرض طوال هذه الأيام العشر، مما يمنحنا الثقة في رغبة الجزائري في تنمية فكره وتغذيته بكل جديد، ما يلفت الانتباه هو الأسعار المرتفعة لأغلب الكتب حتى ما نراه بلا قيمة كبيرة، والكتيبات الصغيرة الحجم أيضا تتعجب كيف بلغت هذه الاسعار؟

حقيقة نلاحظ أن مستوى معيشة الأسرة المتوسطة الدخل لا مكانة لها في عالم الكتاب، فرب أسرة لن يتجرأ على زيارة المعرض مع أبنائه لاقتناء كتب تنمي ثقافتهم إلا إذا كان قد أعد العدة سلفا لهذا الموعد أو اتخذ من الاقتراض عادة لمجابهة مثل هذه المناسبات.

ونتيجة الوفود الهائلة على المعرض، نتساءل لماذا لا تكون هناك معارض محلية للكتاب عبر كل ولايات الوطن؟ فيستحال على كل الراغبين في هذه المعارض الانتقال من الولايات البعيدة حتى العاصمة لأجل اقتناء كتب وفقط، فإضافة إلى بعد المسافة فإن التفكير في اللجوء إلى الفنادق للإيواء لازالت بعيدة على التفكير الجزائري نتيجة التكاليف المرتفعة دائما ونتيجة الثقافة السياحية المنعدمة لدى الجزائريين.

سؤال يطرح نفسه مادامت الدولة تدعم المطابع بتخفيض سعر الورق لإنتاج الكتب، فلم لا تدعم المواطن أيضا لاقتناء الكتب؟ فإن كان حقا ولاة أمورنا يريدون بنا وبوطننا خيرا فلتكن هذه أولوية من أولوياتهم، لان الأمة التي لا تقرأ تموت في غياهب الجهل فيحيا الاستبداد حينها بلا ريب…

القراءة حياة القلوب بلا شك، ونشر الوعي بين أفراد المجتمع سيجعل منه مجتمعا مدنيا يعي حقوقه ويعرف واجباته فيعمل بميزان الحقوق والواجبات فتسير عجلة التنمية ونتقدم نحو الأفضل بلا شك.

لو اطلع العامة على القوانين العامة التي تنظم شؤونهم، ولو اطلعوا على كل القوانين التي تبين لهم حقوقهم المحفوظة في دستورهم لكان الأمر أفضل، وبمناسبة الحديث عن الدستور ترى كم مواطن يملك في بيته نسخة عن دستور البلاد الذي من خلاله تعرف حقوق وواجبات العباد؟؟

ضف لذلك لو انتشر الوعي الفكري بحقيقة الاسلام ومسالمة المسلمين لما عشنا عشرية سوداء نتيجة التغرير بشبابنا الذي هدمه الفراغ فاحتواه التطرف بأشكاله…

قد لا يريد الحاكم من المحكوم أن يقرأ فلا يذكره ببرنامجه الذي تعهد بتنفيذه، وقد لا يريده أن يقرأ فلا يطالبه بحقوق ضمنها له دستور الوطن، قد لا يريده أن يقرأ فلا يع ماله وما عليه، فيبقى يتخبط تخبط الأعمى في الظلام، وينتظر دائما من يوجهه حسب أهوائه يمين شمال…

وبفكر الحاكم المتحجر هذا فسنبقى دائما في الحضيض الأسفل، سنبقى دائما ننظر لمن فوقنا بعين الحسد والغيرة ونتساءل من أعماقنا لما وصلوا وتخلفنا؟؟؟

قطار الحضارة يمر ونحن نتفاخر بما وصل إلينا من قشورها ومظاهرها المزيفة، أناس تصنع ذاتها وتثبت جدارتها بدخول التاريخ بما قدمته البشرية من نتاج الحضارة ونحن دائما ننتظر ترخيصا للحصول على ما حصلوا عليه وبأبهظ التكاليف.

الحكام يموتون، سيورون التراب يوما والتاريخ يقرأ دائما صفحات خلفوها…فيا ترى هل سيذكرهم التاريخ بخير، وهل ستترحم عليهم شعوبهم طالبة لهم الرحمة والمغفرة أم أنها ستحمد الله على كل نهاية حاكم…

فيا ولاة الأمور افتحوا أبوابكم، وحتى نوافذكم لطلاب النور ولا نور إلا في العلم، ورفعوا أمية جمدت العقول وحجرت القلوب، وادعوا لكل كتاب منير يفتح نوافذ الوعي فنضمن الأمن والسلم ونركب قطار الحضارة كمنتجين لا مستهلكين فقط…

إلى ذلكم الحين أقول *إقرأ* باب لن يغلق إلى يوم القيامة وفيه خير الدنيا والآخرة، فاقرأ يا قارئ فبالمقروئية ننير العقول.

بقلم: عبد الرحيم حراتي

يوم: 08.11.2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق