2009-11-21

*الخبز والكتاب*

*الخبز والكتاب*

         بعد يومان سينطلق المعرض الدولي للكتاب بالجزائر الذي سيقام هذه المرة بالقاعة البيضاوية بقرب ملعب 5 جويلية، وكالعادة ستتهافت ديار النشر من مختلف بلدان العالم وخصوصا العربية المشرقية منها على هذا المعرض عل وعسى تعرف بمؤلفاتها وكتبها للقارئ الجزائري المتعطش لهذه المناسبات التي يجد فيها ضالته من اقتناء كل جديد من زخات الأدب والمؤلفات العلمية…

ما نلاحظه في هذا المعرض الذي يحل علينا ضيفا كل عام، الزيارات التي يقوم بها مواطنين من شتى أنحاء الوطن لأجله رغم بعد المسافة أحيانا، فأن ترى من حل بالعاصمة من شرق البلاد أو غربها ومن جنوبها أيضا فقط لأجل اقتناء كتب تروي ظمأه فهذا شيء عظيم، وإن دل على شيء فإنه يدل على أن إتهام الجزائري باللامقروئية إتهام باطل، ولو أن الواقع يثبت صحته نتيجة تدني معدل المبيعات المكتبية، والفراغ الهائل الذي تعرفه مكتباتنا من روادها، لكن يطرح السؤال من المسؤول عن ذلك؟ وما هي العوامل التي أدت إلى هذه الإستنتاجات على الصعيد الواقعي؟

تعيش الجزائر منذ ما يقارب العشرين سنة مراحل إنتقالية على كل الأصعدة السياسية، الإجتماعية والثقافية، مما جعل المواطن يعيش إضطرابات غيرت الأنماط الحياتية والتوجهات العامة والرؤى الإستراتجية التي فرضها عليه الوضع، فمن كان آمنا في بيته ومستقرا في عمله فبلا ريب سيتوجه نحو تنمية فكره وبدنه والبحث عن الأجواء السعيدة بالبحث عن أجواء البهجة والفرح، وهذا ما تتجه إليه عموما الأمم المستقرة التي لا تعان أي اضطراب سياسي أو إجتماعي، لكن الجزائري المسكين منذ ما يقارب العشرين سنة وهو يعاني الأمرين فبداية من الرعب والخوف على روحه، ثم الخوف على عمله نتيجة التحولات العميقة التي آثرتها الدولة من الجانب الإقتصادي، فحقيقة صار هم الجزائري نتيجة كل هذا هو السعي والجري لضمان لقمة العيش أو كما نسميها نحن الجزائريين *الجري وراء الخبزة* فقد ترسخ هذا المصطلح لدي العامة والخاصة، فالكل يبحث عن الخبز لا غير الخبز.

لم يعد الأولياء يوجهون أبنائهم نحو المكتبات العامة، ولم يعد للأب مصروف إضافي يمنحه ابنه لاقتناء كتاب، فقد صار الراتب كما يقول المثل الشعبي *قد الخبز قد الشربة* أي لا فائض منه، بالعكس صار الأولياء يوجهون أبنائهم لسوق العمل في العطل والمناسبات عل وعسى تزيد المداخيل لتغطية النفقات المتزايدة، يفترض أن الأولياء قدوة أيضا لأبنائهم، فهل صار للأولياء وقت لحمل كتاب حتى يتعض بهم أبنائهم فيقتدون بهم، فالكل منهك القوى لضمان الخبز دائما…

الجري وراء الخبز أبعد الكتاب من المعركة، فصار في ذيل الترتيب بالنسبة لسلم الأولويات، فما عادت القراءة والمطالعة تجدي مادامت لا تأتي بالخبز، فنزفت المكتبات حتى الموت، وامتلأت الرفوف بالكتب التي لم يعد يطلبها أحد فتوقفت المطابع مادام القارئ قد توقف عن الطلب فصرنا من أكثر الأمم تخلفا في هذا الجانب حتى مات مؤلفينا وأدبائنا وكتابنا جوعا أو خوفا، فيا ويل أمة لا تحترم الفكر والقلم من الدمار الفكري الذي ستعيشه ويعيشه أبنائها…؟؟؟

بقلم: عبد الرحيم حراتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق