2011-01-07

التخريب لا دين له.

       التخريب الذي مس الممتلكات العامة والخاصة من سيارات، محلات تجارية، شركات ومنشآت قاعدية في أحداث العاصمة بالامس، أشعرني بمدى سفاهة وطيش القائمين على هذا الفعل، عجبت كل العجب أن تؤول أسباب الحق إلى نتائج باطل، عجبت أن تؤول المطالب الإجتماعية إلى وسيلة للنهب والسلب، فشردمة من قطاع الطرق واللصوص استغلوا الشرارة الأولى ليزيدوها اشتعالا ولهبا، وفي ظلامها كان الاستيلاء على ممتلكات الغير دافعا أوليا.

عجبت أن نرى رعية بلا راع، ولا كلب حراسة، في مرعى تحوم حوله الذئاب منتظرتا الفرصة السانحة لاقتناص غنائمها، وياما انتحلت الذئاب صفة الرعية حتى تحين ساعة تكشير الأنياب...

فلم أفهم سبب غياب التأطير لهذا الاعتراض، فيفترض أن تكون هناك مقدمات قبل أن تصل الأمور لمرحلة العنف، فبالإعتصام أولا، أو الإضراب عن العمل ثانيا، أو ربما بالمسيرات المنددة حتى لو كانت المسيرات ممنوعة،

فلماذا الهجوم الشرس من أول وهلة، كالبعير الهائج الذي لا يلوي على شيء، فمتى كان تحرك جسد بلا رأس يأتي بخير؟

شباب أهوج يعبر عن استيائه من ارتفاع سعر السكر بنهب ملابس، اجهزة الكثرومنزلية، يحرق سيارة مواطن، يكسر محلا تجاريا، عجبا أي علاقة تربط بين هؤلاء؟؟؟؟؟؟

شر البلية ما يضحك!!!

أناس أصبحوا في أسوء حال يدعون على من اغتصب ارزاقهم، سرق محلاتهم، خرب معاملهم، وأناس أصبحوا بغنائمهم يفرحون، عجبت كل العجب أن يكون دم الأخوة التي تجري في عروقنا، قادرة على التفريق بيننا!!!

من لم يشاهد بأم عينيه الأحداث، سيقول أن الأمر يستحق ذلك أو أكثر، لكن من عاشها حتما له رأي آخر، ومن تضرر منها فهو الأكثر حسرة وألما من نتائجها الوخيمة، والحقيقة تقال أننا الخاسرون دائما، ونحن المتضررين دائما سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

الأئمة اليوم نددوا بشدة بهذه الأحداث وأعلنوا جهارا ألا يجوز لا في دين ولا ملة تخريب المنشآت العامة والإستيلاء على ممتلكات الغير بغير وجه حق، ويدعون الشباب الهائج للتعقل والبحث عن حلول سلمية لهذه الأزمة بذل صب الزيت على النار، فقد غلا ثمنه ولا داع لتبذيره بصبه على نار تزيد من خسارتنا أياه...

أين ممثلي الشعب من كل هذا، أليس من واجبهم الانتباه لحالة الشعب  وقدرته الشرائية، فيوافقون عند تمرير مشاريع الحكومة على ما يجب ان يوافق عليه، ويعترضون على ما يجب الاعتراض عليه، أليس ما يدفع إليهم من أموال الشعب تغنيهم للاتكال على ضمائرهم، أم لازالت بهم حاجة لمزيد غنى، فيقبلون ببعض ما يسيل اللعاب فيكون الاضراب عن رفع الأيدي وسيلة من وسائل الصمت المنبود التي ترضي الحكومة في تسييرها لامور البلاد والعباد بطريقة متهورة دون مراعاة حقيقية لوضع الطبقة الكادحة من المجتمع...

وماذا عن المعارضة فيبدوا أنها دخلت بيت الطاعة من بابه الضيق ورضت بما هي فيه وعليه ولم يعد أمر البلاد والعباد يهمها في شيء، ألا يفترض أنها على علم ومتنبأة بكل ما حدث وما سيحدث لانه من وضعها الرقابي تعيش بعين على الحكومة وعين على المجتمع، تشاهد وتلاحظ فتستغل الثغرات لتبرهن وجودها ككقوة معارضة تحافظ على الخطوط العريضة لمسار المجتمع...

ربما من واجبنا أن نضم أصواتنا لصوت المطالبين بالطرق السلمية في حل أزماتنا العابرة، فحياتنا تحد لأجل الأفضل، لكن ليس من الضرورة في شيء أن نسلك مسلك العنف كطريقة لرفع الاصوات المعبرة عن الرفض، فلسنا بهائم يا سادة، ولسنا رعاع وحثالة القوم، فيفترض أن نكون واعين بما نفعل، وإهدار حقوق الآخرين لأجل حقوقنا ظلم ما بعده ظلم.

فلنتق الله الذي إليه المصير، وليكن ضميرنا حي وواع بما ستأول إليه الأمور، ولله في خلقه شؤون

عبد الرحيم حراتي

08-01-2011

Abderrahim Herrati

http://hrahim.maktoobblog.com

http://herrati2.blogspot.com

hrahim@hotmail.com

fireur28@yahoo.fr

2011-01-06

العنف الجزائـــــــــــــري

     ترى لماذا يلجأ الجزائري إلى العنف لتبيان اعتراضه على أمر ما، أو لإبراز مشاكله التي يتخبط بها؟

هل الجزائري عنيف بطبعه؟ أم هي سياسة تكميم الأفواه التي أوصلته لهذه الطريقة الإبداعية من التعبير؟ مادام الفم مغلوق والأيدي تخرب بكل طلاقة؟؟؟

هل الخلل في عقلية الجزائري أم في سياسة ولي أمره؟؟

أسئلة ليست لي إجابة عنها، فأحيل السؤال لولاة أمورنا لعلهم درسوا عقلياتنا واستنتجوا بتحاليلهم الدقيقة الطريقة المثلى التي يجب ان يعامل بها هذا الشعب الأبي.

فهل من جواب يا سادة؟؟؟

العنف والتخريب طريقة همجية تناقض التحضر والتمدن، وتشعرنا بالتخلف والإنحطاط، وتعود بنا لعصور الهمجية وقانون الغاب حيث القوي يأكل الضعيف بلا هوادة

وفي التخريب تدمير للمنشآت والبنى التحتية للمجتمع، مما يسفر خسائر مادية معتبرة تفرض على المجتمع إعادة هيكلتها من جديد واصلاحها، وبالتالي خسائر التعويض والاصلاح تزيد الخسائر لهذا المجتمع، فما يفترض ان يعاد اصلاحه يفترض ان يستثمر في انتاجية جديدة،  عمليات التخريب تثبط حركية التقدم والازدهار وتجمد سرعة التطور ان لم نقل تعيدنا الى الخلف مادام الزمن يتسارع أكثر فأكثر...

لكن لماذا لا يفهم ولاة الأمور هذا، فهم المسؤولون أولا واخيرا عما يحدث؟

قد نقول انهم ليسوا من يقوم بأعمال التخريب، فالمجتمع هو الفاعل، لكن الجواب بسيط فلكل فعل ردة فعل، ولولا احتقان الوضع والضغط الاجتماعي الرهيب الذي مورس على طبقات المجتمع خاصة الطبقة اللكادحة منها لما آل الوضع الى ما آل إليه...

الأحداث الأخيرة التي حدثت تعبيرا عن غلاء المعيشة بارتفاع اسعار المواد الأولية التي لا يستغنى عنها اي مواطن، رسالة توحي ان المجتمع على فوهة بركان، وقابل للاشتعال في اي لحظة، ففيروس العنف ان تحرك فليس من السهل كبته، فهو يعشش في اعماق كل جزائري مغلوب على امره، ويحتاج فقط لمن يصب الزيت على النار لينطلق معبرا عن مكبوتات أعوام من الصمت والتحمل، وكما يقال دائما في مثل هذه الأحداث الضغط يولد الانفجار

فلا حاجة للتحليل والبحث عن الاسباب فهي جلية لكل بصير، فلا داع لاجتماعات ماراطونية بين الحكومة والرئاسة، او بين الحكومة وممثلي الشعب، او في طاولات مستديرة بين السادة الوزراء مع الوزير الاول، فالامر واضح للعيان

فتعالوا يا سادة نزور أحيائنا القصديرية على ضفاف العاصمة، بل لنقل في اعماق العاصمة مثلا، حتى لا نبتعد قليلا الى الولايات المجاورة فنتعب السادة الوزراء، تعالوا لتشاهدوا بأم أعينكم كيف يعيش الجزائريين في دولة العز والكرامة، في اكواخ من طين ينتظرون الفرج علهم يحصلون على سكن لائق، يتمددون في نومهم بكل نفس عميق، تعالوا نشاهد بؤر الفساد كيف تغزو هذه المساكن مادامت حتى دوريات الشرطة لا تلج في اعماق هذه الاحياء لاتساخها والظلام السائد فيها ولطرقها وأزقتها المهترئة، تعالوا نشاهد ابناء هذه الاحياء كيف يطأطأون رؤوسهم حياء إن سئلوا عن عناوينهم التي ترمز للفاقة والبؤس، ومن يرضى ان ينتسب للبؤس يا سادة، فينموا في اغوار انفسهم حقد دفين لمن يرونه سببا في معاناتهم، وليكن النظام او السلطة بأشكالها رمزا من الرموز التمرد  عليها بأي طريقة كانت...

تعالوا يا سادة نزور موظف بسيط يعيل عشرة أفواه بأجر قاعدي، نجلس معه لنسأله كيف يعيش وكيف ينفق ماهيته، فنخرج بوجوه حائرة مسبحين الله معلنين انه يعيش بمعجزة الرازق، والله لا يضيع رزق عباده...

فكيف لاجر لا يتعدى العشرون ألف دينار أن يشبع الرغبات الأساسية لمواطن بعائلة بالله عليكم...

ريع الأرض وشعب بحجم بلدية بالصين ولم تستطيعوا تسيير قناعاته وتحقيق الرفاهية له، فماذا لو نفذ ريع الحاسي، وحتم على الدولة ان تجد مصدر رزق لشعبها، فكيف سنعيش حينها يا ترى؟؟؟ فهل ستلحقنا المجاعة ام سنباع في مزاد علني؟؟؟؟؟؟؟؟

أف لما آل إليه الوضع يا سادة، وأف لراع تجوع رعيته، وأف لنظام لا يحترمه منظميه...

بقلم: عبد الرحيم حراتي

05-01-2011

 

2011-01-04

معاكسة وعبرة

أحيانا امراض المجتمع تجعل منا نحن المترفعين عن التنازل والانحطاط عرضة للضغط، فتجعلنا نكتب حتى عن أمور كنا نراها من تفاهات  الامور التي لا تستحق أن تجر لأجلها جرة قلم

لكن كما يقال شر البلية ما يضحك، فقد أخبرني صديقي اليوم وكله اسف عما آل إليه الوضع في شوارعنا التي تحمل إلينا من تناقضات العصر  وأمراضه حد التجشأ والغثيان

حدثني صديقي اليوم عن فتى نجا من محاولة بائسة للإنتحار، بعد أن تصادف مرور جماعة بالشجرة التي أدلى بنفسه منها والحبل معلق برقبته، فأنقذوه من موت محقق وبئس المصير

حاولت مليا أن أعرف سبب محاولته البائسة هذه بعد أن سألني صاحبي، برأيك لماذا حاول الإنتحار؟

ظننتها البطالة الخانقة، ثم أزمة سكن، أو ربما أزمة عاطفية، وووو... لكن كل محاولاتي باءت بالفشل، فأتى الخبر الصريح والقصة الكاملة لهذا الشاب بزفرات مريرة من صاحبي الذي تألم لما آل إليه الوضع  قائلا:

اعتاد هذا الشاب معاكسة الفتيات الخارجات من الثانوية، الذاهبات أو العائدات لبيوتهن، وفي يومه المشؤوم هذا، وقد بدأ الظلام يلقي  بأسباله على المدينة التي تنعدم فيها الإنارة في شوارعها وأزقتها

كانت فتاة متحجبة أمامه تسير على عجلة من أمرها وهو خلفها يعاكسها بكلماته التي كانت لطيفة، ثم بدأ يكشر عن أنيابه بعد ان رأى المكان خال من المارة والفتاة وحدها وبإمكانه افتراسها لا محالة،

فبدأ ت كلماته النابية تتهاطل عليها طالبا منها التوقف لمحادثته وإلا سيفعل بها، والمسكينة ترتجف خوفا وتحاول ان تسرع اكثر فارة من هذا الوحش الآدمي، ولم تستطع حتى الالتفات إليه

وما ان اقترب منها وبدأ بملامسة جسدها من الخلف، حتى صاحت به قائلة: سأتصل بأخي وسترى ما سيفعل بك

فزادت كلماته الحيوانية أكثر فأكثر ،مهددا انه  سيبدأ بها ثم يكمل بأخيها، اتصلت الفتاة بأخيها والدموع تتهاطل من عيناها، ورن  الهاتف...

فتوقفت وتوقف الشاب خلفها...

الرنين قريب منها، بل أقرب مما تتصور، تلتفت لمصدر الرنين خلفها... أجل إنه هو، هو بشحمه ولحمه، أخوها، أخوها الذي اتصلت به ليحميها من شر هذا الحيوان

الحيوان البشري الذي يلاحقها أخوها الذي كان يفترض انها متمسكة بدراعه وهما في طريقهما للبيت

أخيها من لحمها ودمها... يا للهول ويا لرعب الموقف...

توقفا وبقيا باهتين يتأملان بعض... صرخت هي من هول الصدمة، وجرت بكل ما أوتيت من سرعة نحو البيت والدموع أكثر انهمارا من عينيها

وبقي هو صامتا في مكانه لا يلبث بشيء... يفكر فيما حدث ليستنتج اي نوع من البشر هو، او ربما أي حيوان هو أفضل بكثير...

وكتعبير عن احساسه كان الحبل الذي وجده مرميا سبيل لرقبته، تعبيرا عن ندمه وأسفه لما آل إليه...

هو الآن بالمستشفى يتعافى من صدمته، لكن اتراه يتعافى من حيوانيته ليعود لإنسانيته ويتخلى عن بهائميته؟، ففي الحادثة أكبر عبرة له ولغيره، ولله في خلقه شؤون.

عبد الرحيم حراتي

04.01.2011