2009-11-21

الالقاب الجزائرية إلى أين؟

الالقاب الجزائرية إلى أين؟

أتذكر عندما كنا صغار بالمدرسة الأساسية، كان أستاذنا ذكره الله بخير عندما نهم بالخروج من القسم عند منتصف النهار لتناول وجبة الغداء، يقول مازحا: لماذا تخرجون من القسم، ألأجل الطعام؟

-  فكل الأطعمة متوفرة ها هنا فلما الخروج؟ وحتى هناك بعضها لن تجدونها إلا بداخله… فقد كان يشير ذكره الله بخير إلى ألقاب الزملاء المستوحاة من الأطعمة والمحاصيل، مثل: بولعسل، بوخبزة، بوالشعير، بوالدهان، بوالقمح، بوالطمين، بوالزيت… وغيرها

وكنا نسأله  حينها عن سر التسمية بهذه الألقاب فكان يقول أن هذا من مخلفات الإستعمار، فقد كان المستعمر يأخذ معه أذياله عند تسجيل العائلات فكانوا يسجلون الالقاب بأهوائهم وأحيانا لصفة في الشخص كالاصلع الاعرج الفرطاس الاحمر الابيض وهكذا ذواليك      …

نتعرف يوميا على مواطنين من شتى أنحاء الوطن، وما أن يقدم أحدهم نفسه وإلا وترك تعرفك بلقبه أثرا في نفسك، إما رغبة في الضحك، السخرية، التعجب، الحيرة أو حتى الإشمئزاز، فما إحساس المرء عندما يرحب بالسيد المتصل ببشاشة قائلا: مرحبا بك معنا سيد كلب، أو مرحبا بك يا سيد حمار، كيف تجمع النقيضين معا بكل بساطة…؟

الألقاب الجزائرية جلها خليط من المحاصيل الزراعية والنباتات والصفات، وعند ذكر الصفات نتوقف لحظة صمت أمام الأخلاق ترحما، عندما نجد صفات سلبية يستحي المرء حتى من ذكرها مع نفسه فما بالك مع أسرته أو في المجتمع ككل، لن تتصور أن تسمع لقب عائلة ينسب لفرج امرأة أو لذكر رجل، أمر حقيقة يندى له الجبين ويترك أثرا بغيضا في النفس.

الألقاب الجزائرية تدق ناقوس الخطر على كيان أمة هذبها الإسلام وجعل فيها مكارم الأخلاق قيما لا رجعة فيها ولا نقاش، فبالله عليكم يا ولاة الأمور أن تهرعوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شرف الأسر الجزائرية التي أهينت بألقابها وجعلتها تحني رأسها في التراب غصبا عنها.

فهلا كانت حملة عامة تسهل فيها إن لم نقل تجبر أصحاب هذه الألقاب لتغييرها لما يجعل في نفسها عزة وكرامة في بلد يدعي حكامه العزة والكرامة…

والكرامة تبدأ ها هنا والله أعلم.

بقلم: عبد الرحيم حراتي

أطفالنا وروح الوطنية

أطفالنا وروح الوطنية

         في زيارة عائلية بمناسبة العيد لأحد الأقارب الماكثين في أحد البيوت القصديرية في وسط العاصمة حتى لا نقول على مشارفها، لاحظنا القلق الواضح على وجه الخالة أم أيمن فسألناها عن سبب ذلك خصوصا واليوم يوم عيد يفترض أن يكون يوما سعيدا ولو لبعد حين.

نقلت إلينا المسكينة قلقها الزائد عن ولدها الذي لا يتجاوز الرابعة عشر من العمر، هذا الابن البار والنجيب في دراسته رغم أن أوقاته قسمت بين المدرسة والأسواق لبيع ما يمكن بيعه ليعين عائلته الفقيرة على سد أفواهها الجائعة مادام الوالد ما عاد قادرا على سد كل النفقات بعمله في مجال البناء.

المسكينة قالت أن ولدها صار مهوسا بالحرقة فهي على لسانه صباح مساء، ولا تدري من أين يأتي بتلكم الأخبار عن أناس ذهبوا فعادوا بكل نعيم من مال، يروي لها قصص الناجحين بكل شوق وعيناه يتلألأن فرحا وحبورا، يخبرها في كل مرة أن أجمل حلم له أن يقطع البحر لأوروبا فيعمل بكل اجتهاد حتى ينال المراد، ورغم محاولة المسكينة الثني من عزمه بتذكيره بمن فشل في العبور ومات غريقا في وسط البحر إلا أن هذا لم يزده إصرارا على المحاولة إن سنحت له الفرصة…

أم أيمن تخشى على ولدها الغرق، لا أوروبا وما فيها، فهي من جهة أخرى تندب حظها التعس وما هي فيه من فقر ومدقع وكوخها الذي تكاد ترى السماء من خلال سقفه المهترئ.

فاجأنا الامر فلم نتوقع أن تنتقل عدوى الحرقة لأطفالنا بعد أن غزت عقول شبابنا بعد أن أعياهم الحلم في استقرار في وطن لم يستطع أن يحقق لهم أحلامهم الثلاثة (عمل، زوجة وسكن) فهذه غاية كل شاب يحلم بالاستقرار بحياة لا يهم بعدها إن كانت سعيدة أم تعيسة ولا أظن لأي عاقل ألا يستطيع تحقيق السعادة إن نال هذه الأحلام الثلاثة التي تعده لعمل الدنيا والأخرة.

حقيقة الأمر مخز للغاية أن تنهار القيم أمام هذا الاجتياح الهائل للهروب بأحلامنا لعالم لا يمد لنا بصلة إلا الحلم بالثراء والغنى، بل ربما الحاجة إلى تحقيق الإشباعات الأولية التي تميز الإنسان عن الحيوان…

ترى ماذا أعد لنا ولاة أمورنا من برامج أو مشاريع تربوية تقوي روح الوطنية في أبنائنا، أو مشاريع إقتصادية بأبعاد استراتيجية تعيد لمواطنيا الكرامة المفقودة حتى يتحقق الإستقرار المنشود والتفرغ لبناء الوطن الذي قلما فكر أحد أن له أولوية من الأولويات فهو في آخر درجات السلم، مادام المواطن لا زال يجري وراء الخبز بعد، فكيف له أن يفكر في السعي لاجل الوطن.

فيا ولاة أمورنا بالله عليكم، أمنحونا ما يشبع بطوننا ويحمي ظهورنا لنحب وطننا كما تحبوه بعد

أن تخمت حساباتكم البنكية، وتعددت أبراج فيلاتكم الموسمية، فقد قلتم الكثير عن حب الوطن وما عدنا نتحمس لكلماتكم بعد أن رأينا مساكنكم ومنازل أبنائكم

فاهبطوا إلينا حتى نصعد إليكم… 

عائد من معرض الكتـــــــــــــاب

***ع***عائد من معرض الكتاب

           في زيارة خاطفة لمعرض الكتاب الدولي الذي أقيم بالجزائر العاصمة بين 27 أكتوبر والسادس نوفمبر، يلفت انتباه الزائر للعدد الهائل من الزوار الذين توافدوا  على أجنحة المعرض طوال هذه الأيام العشر، مما يمنحنا الثقة في رغبة الجزائري في تنمية فكره وتغذيته بكل جديد، ما يلفت الانتباه هو الأسعار المرتفعة لأغلب الكتب حتى ما نراه بلا قيمة كبيرة، والكتيبات الصغيرة الحجم أيضا تتعجب كيف بلغت هذه الاسعار؟

حقيقة نلاحظ أن مستوى معيشة الأسرة المتوسطة الدخل لا مكانة لها في عالم الكتاب، فرب أسرة لن يتجرأ على زيارة المعرض مع أبنائه لاقتناء كتب تنمي ثقافتهم إلا إذا كان قد أعد العدة سلفا لهذا الموعد أو اتخذ من الاقتراض عادة لمجابهة مثل هذه المناسبات.

ونتيجة الوفود الهائلة على المعرض، نتساءل لماذا لا تكون هناك معارض محلية للكتاب عبر كل ولايات الوطن؟ فيستحال على كل الراغبين في هذه المعارض الانتقال من الولايات البعيدة حتى العاصمة لأجل اقتناء كتب وفقط، فإضافة إلى بعد المسافة فإن التفكير في اللجوء إلى الفنادق للإيواء لازالت بعيدة على التفكير الجزائري نتيجة التكاليف المرتفعة دائما ونتيجة الثقافة السياحية المنعدمة لدى الجزائريين.

سؤال يطرح نفسه مادامت الدولة تدعم المطابع بتخفيض سعر الورق لإنتاج الكتب، فلم لا تدعم المواطن أيضا لاقتناء الكتب؟ فإن كان حقا ولاة أمورنا يريدون بنا وبوطننا خيرا فلتكن هذه أولوية من أولوياتهم، لان الأمة التي لا تقرأ تموت في غياهب الجهل فيحيا الاستبداد حينها بلا ريب…

القراءة حياة القلوب بلا شك، ونشر الوعي بين أفراد المجتمع سيجعل منه مجتمعا مدنيا يعي حقوقه ويعرف واجباته فيعمل بميزان الحقوق والواجبات فتسير عجلة التنمية ونتقدم نحو الأفضل بلا شك.

لو اطلع العامة على القوانين العامة التي تنظم شؤونهم، ولو اطلعوا على كل القوانين التي تبين لهم حقوقهم المحفوظة في دستورهم لكان الأمر أفضل، وبمناسبة الحديث عن الدستور ترى كم مواطن يملك في بيته نسخة عن دستور البلاد الذي من خلاله تعرف حقوق وواجبات العباد؟؟

ضف لذلك لو انتشر الوعي الفكري بحقيقة الاسلام ومسالمة المسلمين لما عشنا عشرية سوداء نتيجة التغرير بشبابنا الذي هدمه الفراغ فاحتواه التطرف بأشكاله…

قد لا يريد الحاكم من المحكوم أن يقرأ فلا يذكره ببرنامجه الذي تعهد بتنفيذه، وقد لا يريده أن يقرأ فلا يطالبه بحقوق ضمنها له دستور الوطن، قد لا يريده أن يقرأ فلا يع ماله وما عليه، فيبقى يتخبط تخبط الأعمى في الظلام، وينتظر دائما من يوجهه حسب أهوائه يمين شمال…

وبفكر الحاكم المتحجر هذا فسنبقى دائما في الحضيض الأسفل، سنبقى دائما ننظر لمن فوقنا بعين الحسد والغيرة ونتساءل من أعماقنا لما وصلوا وتخلفنا؟؟؟

قطار الحضارة يمر ونحن نتفاخر بما وصل إلينا من قشورها ومظاهرها المزيفة، أناس تصنع ذاتها وتثبت جدارتها بدخول التاريخ بما قدمته البشرية من نتاج الحضارة ونحن دائما ننتظر ترخيصا للحصول على ما حصلوا عليه وبأبهظ التكاليف.

الحكام يموتون، سيورون التراب يوما والتاريخ يقرأ دائما صفحات خلفوها…فيا ترى هل سيذكرهم التاريخ بخير، وهل ستترحم عليهم شعوبهم طالبة لهم الرحمة والمغفرة أم أنها ستحمد الله على كل نهاية حاكم…

فيا ولاة الأمور افتحوا أبوابكم، وحتى نوافذكم لطلاب النور ولا نور إلا في العلم، ورفعوا أمية جمدت العقول وحجرت القلوب، وادعوا لكل كتاب منير يفتح نوافذ الوعي فنضمن الأمن والسلم ونركب قطار الحضارة كمنتجين لا مستهلكين فقط…

إلى ذلكم الحين أقول *إقرأ* باب لن يغلق إلى يوم القيامة وفيه خير الدنيا والآخرة، فاقرأ يا قارئ فبالمقروئية ننير العقول.

بقلم: عبد الرحيم حراتي

يوم: 08.11.2009

*الخبز والكتاب*

*الخبز والكتاب*

         بعد يومان سينطلق المعرض الدولي للكتاب بالجزائر الذي سيقام هذه المرة بالقاعة البيضاوية بقرب ملعب 5 جويلية، وكالعادة ستتهافت ديار النشر من مختلف بلدان العالم وخصوصا العربية المشرقية منها على هذا المعرض عل وعسى تعرف بمؤلفاتها وكتبها للقارئ الجزائري المتعطش لهذه المناسبات التي يجد فيها ضالته من اقتناء كل جديد من زخات الأدب والمؤلفات العلمية…

ما نلاحظه في هذا المعرض الذي يحل علينا ضيفا كل عام، الزيارات التي يقوم بها مواطنين من شتى أنحاء الوطن لأجله رغم بعد المسافة أحيانا، فأن ترى من حل بالعاصمة من شرق البلاد أو غربها ومن جنوبها أيضا فقط لأجل اقتناء كتب تروي ظمأه فهذا شيء عظيم، وإن دل على شيء فإنه يدل على أن إتهام الجزائري باللامقروئية إتهام باطل، ولو أن الواقع يثبت صحته نتيجة تدني معدل المبيعات المكتبية، والفراغ الهائل الذي تعرفه مكتباتنا من روادها، لكن يطرح السؤال من المسؤول عن ذلك؟ وما هي العوامل التي أدت إلى هذه الإستنتاجات على الصعيد الواقعي؟

تعيش الجزائر منذ ما يقارب العشرين سنة مراحل إنتقالية على كل الأصعدة السياسية، الإجتماعية والثقافية، مما جعل المواطن يعيش إضطرابات غيرت الأنماط الحياتية والتوجهات العامة والرؤى الإستراتجية التي فرضها عليه الوضع، فمن كان آمنا في بيته ومستقرا في عمله فبلا ريب سيتوجه نحو تنمية فكره وبدنه والبحث عن الأجواء السعيدة بالبحث عن أجواء البهجة والفرح، وهذا ما تتجه إليه عموما الأمم المستقرة التي لا تعان أي اضطراب سياسي أو إجتماعي، لكن الجزائري المسكين منذ ما يقارب العشرين سنة وهو يعاني الأمرين فبداية من الرعب والخوف على روحه، ثم الخوف على عمله نتيجة التحولات العميقة التي آثرتها الدولة من الجانب الإقتصادي، فحقيقة صار هم الجزائري نتيجة كل هذا هو السعي والجري لضمان لقمة العيش أو كما نسميها نحن الجزائريين *الجري وراء الخبزة* فقد ترسخ هذا المصطلح لدي العامة والخاصة، فالكل يبحث عن الخبز لا غير الخبز.

لم يعد الأولياء يوجهون أبنائهم نحو المكتبات العامة، ولم يعد للأب مصروف إضافي يمنحه ابنه لاقتناء كتاب، فقد صار الراتب كما يقول المثل الشعبي *قد الخبز قد الشربة* أي لا فائض منه، بالعكس صار الأولياء يوجهون أبنائهم لسوق العمل في العطل والمناسبات عل وعسى تزيد المداخيل لتغطية النفقات المتزايدة، يفترض أن الأولياء قدوة أيضا لأبنائهم، فهل صار للأولياء وقت لحمل كتاب حتى يتعض بهم أبنائهم فيقتدون بهم، فالكل منهك القوى لضمان الخبز دائما…

الجري وراء الخبز أبعد الكتاب من المعركة، فصار في ذيل الترتيب بالنسبة لسلم الأولويات، فما عادت القراءة والمطالعة تجدي مادامت لا تأتي بالخبز، فنزفت المكتبات حتى الموت، وامتلأت الرفوف بالكتب التي لم يعد يطلبها أحد فتوقفت المطابع مادام القارئ قد توقف عن الطلب فصرنا من أكثر الأمم تخلفا في هذا الجانب حتى مات مؤلفينا وأدبائنا وكتابنا جوعا أو خوفا، فيا ويل أمة لا تحترم الفكر والقلم من الدمار الفكري الذي ستعيشه ويعيشه أبنائها…؟؟؟

بقلم: عبد الرحيم حراتي

2009-11-20

العلم الوطني في كل بيت جزائري

لماذا فشلت السياسة في تحقيق ما نجحت الكرة في تحقيقه؟

العلم الوطني في كل بيت جزائري…

إيمانا منها في توقيف نزيف الروح الوطنية في نفوس أبناء الوطن الطيبين، القاعدين على حوافي الطرق، والملتصقين بجدران الشوارع

إيمانا منها بتوقيف نزيف الفارين ليلا في قوارب الموت إلى الضفة الاخرى من العالم الذي يحترم مواطنيه

إيمانا منها في غرس الروح الوطنية في نفوس الصغار من أبنائنا قبل الكبار لجأت سلطتنا حفظها الله إلى نشر فكرة علم وطني في كل بيت جزائري

محاولة منها إيصال رسالة الوطنية إلى أبناء الوطن

لكن المحاولة باءت بالفشل لأسباب لازالت مجهولة

والتحاليل لا زالت قائمة والاجتماعات لا زالت تبحث عن أسباب هذا الفشل المريع في تحقيق الغاية المنشودة …

وفجأة نفحات كرة مستديرة تظهر للعيان في الأفق، فتوقف الأنفس لأجلها، ويتأمل الكل بانبهار راجين وصولها

موعد رياضي يقلب الجزائر رأسا على عقب، فلا حديث سوى على هذا اللقاء المرتقب

وترفرف الأعلام عاليا في كل الضواحي، مرفوعة معززة مكرمة، وتباع الأعلام الوطنية بالمئات في شوارعنا

وتقتني في كل بيت، وفي كل حي وفي كل مدينة

شباب الأحياء يتبرعون بالملايين لأجل تزيين احيائهم بعشرات الأمتار من الألوان الوطنية

الأطفال يحملونها في طريقهم لمدارسهم

أصحاب السيارات يزينون بها سياراتهم

الجرائد لا حديث إلا على الألوان الوطنية

العمال في معاملهم والطلبة في جامعاتهم

الكل يعد العدة في انتظار الموعد الفاصل

موعد اللقاء المرتقب

بين الخصمين العنيدين

الجزائري والمصري

الكرة أشعلت الغيرة في قلوب الملايين

لحمل الراية الوطنية

فحملوها معتزين مفتخرين

فلماذا تحمل الراية بكل هاته القوة في مباراة رياضية

ولا تحمل بمثل هذه القوة في ذكرى أول نوفمبر أو الخامس جويلية؟

ترى أوطنيتنا رياضية إلى هذا الحد؟؟؟

أم أن أمتنا جمعتها الرياضة لدرجة العشق الجنوني

وفرقتها السياسة لدرجة الاشمئزاز

الوطني

لماذا فشل ساستنا

ونجحت الكرة في إعلان الذوذ على هاته الالوان الوطنية

لما يغار الجزائري على وطنه في مناسبة رياضية؟؟؟

ولا يعمل بإخلاص

حتى نصل

بكل برامجنا التنموية

سؤال لم أجد له جواب

وربما سأنظم لاجتماعاتهم الرسمية لعلي أجد حلا

لمعادلة ثلاثية اسمها

كرة + سلطة

تساوي

روح وطنية

مجرد رأي مناصر جزائري

عالم الكرة عالم عجيب

عالم الكرة عالم عجيب

       تعدت الساعة الثانية صباحا، أحاول النوم فلا أستطيع، أفكر بكل جدية واسأل من الأعماق لم انهزمنا اليوم في هذه المباراة؟؟؟

أنا لست من عشاق الكرة، ولا أعرف حتى أسماء اللاعبين ومن يعرفني يشهد على أميتي…

لكن

تأملت حب من حولي للكرة، كبير وصغير، فقررت أن أهتم للأمر قليلا لأعرف السبب، لم يعشقون الكرة لهذه الدرجة؟؟؟

لم يتابعون المباريات بكل حماس وبكل وجدانهم، بصراخهم وعويلهم، بصياحهم ورقصاتهم…؟؟؟

في مباراة سابقة لفريقنا الوطني، لم اعر المقابلة اهتمام رغم أني كنت قادرا على مشاهدتها، وفي اليوم التالي وعند كل سؤال هل شاهدت المباراة فأجيب بالنفي، فيخيب ظن السائل ويتأملني باستغراب كأني ارتكبت إثما، حتى أن بعضهم اتهمني باني منعدم الروح الوطنية حتى لا أقول الروح الرياضية، لا لشيء سوى لأني لم أشاهد المباراة ولا اعري هذه المناسبات اهتماما يذكر .

تساءلت ما لذي دفعهم لاتهامي بهذا لمجرد أني لم أشاهد المباراة فهل الوطنية كلها في مباراة كرة قدم؟؟؟

مع مرور الوقت بدأت أحلل الوضع وأتساءل عن سر هذا الهوس الجماعي بالكرة؟؟

أهو الفراغ، أم هي الهواية، ربما التقليد وربما التعود؟؟؟؟

بعد الخسارة الفادحة أمام المنتخب المصري العنيد بالأمس، تأملت دموع أخي الصغير ذي العشر سنوات، وتساءلت أي حرقة هاته التي أسالت دموعه؟، وهو الذي ألح للحصول على علم وطني مهما كان، فصار شريكه اليومي في كل خرجاته، يرفرفه عاليا بفخر واعتزاز، لكن منذ اليوم لم يعد يعريه اهتماما فقد أفل سبب رفع الراية…؟؟؟

عندما تأملت الشارع العاصمي بالأمس، والفرحة العارمة على جل المواطنين وأبواق سياراتهم تعلوا المكان كأنه يوم الاستقلال كما قال شيخ طاعن في السن، بل ضاه ذاك اليوم العظيم نتيجة تجاوب الوطن بكامله، شرقه وغربه، شماله وجنوبه مع الحدث.

خيبة الأمس، إحساس بالألم، مس ربوع الوطن، ربما كنا نبحث عما يبهجنا ويخرجنا من عزلتنا التي فرضها علينا الوضع منذ عشرية قاتمة، ربما كنا نبحث عن نقطة انطلاق نشعر بها العالم أننا ها هنا وقد عدنا؟؟؟ لكننا تعودنا على الخيبات في كل مرة…

عندما يكون مصير بهجة شعب بكامله بين يدي إحدى عشر لاعبا في ملعب فلإنه أمر عجيب حقا؟؟؟

لماذا خسر الإحدى عشرة لاعب وأجلوا فرحة الملايين ممن ينتظرون هذه الفرحة بكل شوق وشغف؟؟؟

أهو الضعف؟؟

أهو ضعف البصيرة، أم هو التسرع؟؟؟؟

ولم تألمنا كل هذا الألم؟؟؟

أغيرة على الوطن؟ أمبالغة في تعظيم الأمور؟

خصمنا المصري لم يربح المباراة بقوة لعبه، بل ربحها بإلحاحه وإرادته الفولاذية في الفوز، أراد ألا يخيب آمال شعبه فكان له ما أراد منذ اللحظة الأولى، أستغل كل الفرص المتاحة وثابر وأصر أن يكون مهاجما فنال المبتغى وحقق النصر ومنحناه الفرصة الذهبية في التألق على حسابنا دائما…وهذا درس في الحياة، فالرغبة والإرادة بالتكرار تحقق المستحيل فلا شيء يمنع تحقيق النجاح حينها فقد تفشل ألف مرة، لكن أكيد ستأتي الألف وواحد لتحقق لك النجاح.

فريق مصر دخل بكل أبهته وعزة نفس، ولاعبينا دخلوا ووجوههم عابسة يكفي أن يدل عليهم ذلك لحى أغلب اللاعبين التي لم تحلق، وعند اللعب نلاحظ الثغرات مرارا وتكرارا ولا نرى أنها تغطى فلا أدري ماذا يفعل المراقبون للمباراة؟؟؟ فكيف يوجهون اللاعبين لتغطية نقاط ضعفهم؟؟ فلولا حارسنا الأمين لمنينا بهزيمة نكراء نذكرها لأحفادنا بمرارة.

دفاعنا على الجناحين ميت لا يغطي المنطقة الدفاعية جيدا، هجومنا لا يعتمد على صعود أكثر من ثلاث لاعبينا فتجد غالبا منطقة الهجوم خاوية حتى تنزع الكرة من المهاجم لأنه لا يجد لمن يمرر الكرة.

أنا لا أفهم في التكتيك للمباريات، لكن يكفي أن ترى عيني فأرى الخلل أين  يكمن، وبالمناسبة أتساءل هل يلعب لاعبينا ومدربيهم لعبة الشطرنج؟؟؟ فمن لا يعرف هذه اللعبة لن يكون له وجدان وروح إستراتيجيات الفوز في المباريات ، فنصيحة لكم يا من وضعنا فرحتنا بين أيديكم أن تلعبوا الشطرنج…

دموع أخي الصغير حرقت قلبي، ودموع شعبكم الذي أنتظر فوزكم بالله عليها دعوها تحرق قلوبكم عل وعسى تفرحوننا، فنشعل شمعة أخرى في ظلام أيامنا العابسة، ونبتسم على الأقل، فنتنفس حينها من قلوبنا ونقول الحمد لله لا زالت الجزائر بخير.

بقلم: مجرد مشاهد.

2009-11-19

إلى معالي وزير النقل

إلى معالي وزير النقل

سيدي الوزير

                         لن أبجلك حق التبجيل لأني غاضب اليوم، فأنا أسير يوميا لكيلومترات طويلة في الليل الدامس وأعين خفافيش الليل ترقبني وأنا أدعوا الله ألا يقفز خفاش فيرعبني ويرعب ما حواه جيبي الفارغ، سوى من هاتفي المحمول المتواضع.

ففي الوقت الذي تنعم فيه أنت بسيارة فاخرة وحرس يوصلوك حتى بيت النعيم الذي أنت فيه مع أولوية المرور طبعا، نعاني نحن، نحن حثالة المجتمع الفقراء حتى لحافلات النقل التي لم تعد كافية لامتصاص زحامنا اليومي وفي كل وقت من أوقات اليوم والاسبوع والشهور والسنة، نحن لا نتوقف عن الحركة يا سيدي الوزير طلبا للخبزة التي علاها الغبار في بلد الخيرات…

سيدي الوزير تساءلت وانا أكتب لك هذه الرسالة هل حقا ستقرأها؟؟؟ فأنا لن أرسلها لك عبر البريد ولا إلى عنوانك الإلكثروني فأكيد لا وقت لديك لمثل رسائل الأوباش، لكني سأضعها في مدونتي الخاص كشاهد ماشافش حاجة على حد قول عادل إمام…

سيدي الوزير أنا لا أقطن مدينة من مدن الضواحي حتى تجد الأعذار اللازمة لبلوغ التنمية، فأنا بالعاصمة، العاصمة التي يفترض بها أن تكون الأولى دائما فمنها تنطلق وإليها تعود جل المشاريع فهي مقر الدولة، ورمز السلطة، وهي واجهة الدولة الجزائرية، فهل يا ترى مثلتنا العاصمة خير تمثيل أمام المحافل الدولية؟؟؟

سأبلغك بما حدث اليوم يا معالي الوزير حتى لا أختنق وأنا أحاول النوم فـأموت كمدا، فاليوم يا سيدي وكالعادة تقل المواصلات في كل مساء فيزيد الزحام ونحن الغلابة ننتظر الحافلة التي ستوصلنا يا سيدي، انها لا تأتي كل خمس دقائق كما هو معمول به في دول تعي معنى النقل وتحترم مواطنيها، وهي لا تأتي كل ربع ساعة أيضا، إنها تتأخر لساعة ونصف من الزمن يا سيدي الوزير، والمسافرين في انتظار طويل وقلق واضح، لكنهم طبعا لا يحتجون فلا أذن تسمع ولا يد يحسن حتى تنفجر الأمور دائما فهذا مبدأ قديم محفور في تاريخ مقاعد ولاة أمورنا…

في وسط الزحام امرأة شابة بابنها تحاول التشبث بالباب للصعود بقوة والطفل يصرخ بكل ما استطاع إليه سبيلا فلما عجزت عن الصعود صرخت هي ايضا بأعلى صوتها بابا مجاهد حرام عليكم

لم ينتبه إليها أحد ولم يفهم أحد أيضا ما علاقة أبيها المجاهد بصعود الحافلة؟؟؟

ومشهد آخر أبلغه معاليكم سيدي على طبق من الواقع المرير، في غمرة الزحام أيضا عجوز تعدت الستين من العمر تحاول هي الاخرى الصعود بكل ما أوتيت من صبر على الزحام لكن رجلاها المرتعشتان تخونانها فتسقط على الأرض والأرجل تتعثر بها بل ترفسها رفسا، وهي الأخرى تصرخ وتصرخ ولولا رحمة الله وانتباه بعضهم لها لكانت في عداد الأموات وهي تدعوا على دولة لم تحترم كبارها…

لم أتحمل هذا الصراع يا سيدي فتنازلت عن جهدي الكبير في صعود الحافلة وابتعدت قليلا وأنا أتصبب عرقا فقد أجهدني التعب، شيخ كبير بحانبي وأمام هذا المشهد لم يجد إلا أن يترحم على رئيسنا الراحل هواري بومدين، فسألته  ما علاقة هذا بالرئيس الراحل؟

يا بني نهار كان الهواري كانت للدولة مهابة وكان النظام نظام، أما الآن فصرنا رعيان على حد قوله طبعا.

الحافلة يا سيدي حملت مالا تطيق من أكياس بشرية مكدسة، فأضمن لك يا سيدي لو نزلت يوما متخفيا وركبت معنا لبكيت لاجلنا قبل أن تبكي لنفسك على ما أنت فيه من عذاب، ولا أنصحك أن تعرف بنفسك حينها للركاب من شدة الزحام عل وعسى يشفق عليك أحدهم بالتنازل لك عن كرسيه الثمنين الذي اقتتل لاجله لدرجة أن تقف بجانبه عجوز في السبعين فلا يتحمل أن ينهض ويتركه لها، فقد لا تصل إلى وجهتك حينها يا سيدي…

سيدي الوزير، التاريخ يجري ونحن لا ندري والزمن يسير والعمر قصير، فماذا خلفت لذكرك بين رفات شعبك، هلا فكرت في الأمر للحظة، للحظة فقط؟؟؟

أيصعب في بلد الخيرات بما أوتيت أن تضمن نقل مواطنيها، وأين؟؟؟ بالعاصمة، عاصمة الوطن…

أيصعب أن تزيد الدولة الجزائرية عدد حافلات نقل مسافريها حتى تغطي الطلب، فنشعر بالأمن في تنقلاتنا ولا نفكر في شراء سيارة ولو بالقروض والإستدان؟؟

أيصعب يا معالي الوزير بعاصمة الوطن أن نضمن وصول الغلابة من الطبقة الكادحة إلى منازلهم بعد يوم مضني من العمل الشاق؟؟؟

أيصعب يا معالي الوزير بعاصمة الوطن أن نأخر ساعة السبات قليلا حتى نضمن أن كل الدجاجات قد دخلت الخم؟؟؟

طبعا ستقول يا سيدي إننا في حالة طوارئ، والأمر عام والأولوية لسلامة أرواح مواطنينا، ووووو… لكن العجوز كادت تموت تحت أقدام مواطنينا أيضا يا سيدي فمالفرق بين الموتين إن ضمنت ألا تموت برصاصة أو تموت تحت أقدام المهاجمين على حافلة لا لشيء سوى لضمان مقعد فيها، صار حلم يجب الكفاح لأجله؟؟؟

أحقا سنفكر في النمو والتنمية والازدهار والتقدم، وجل عمال إداراتنا يفرون من مكاتبهم قبل موعد الخروج لا لشيء سوى لبلوغ البيت قبل ذروة الزحام، وقبلها لضمان اللحاق بالحافلة؟؟

أحقا سنفكر في الإبداع ونحن نجري دائما لضمان الخبزة عفوا فالخبو ليس من صلاحياتك، أقصد الجري وراء الحافلة حتى لا أقول طاكسي فماهية الشهر لا مكانة فيها لركوب الطاكسي؟؟

أحقا سنخلص العمل مادمنا نعاني من الإسهال دائما لضمان الحد الأدنى من المواطنة؟؟؟

هل أثقلت عليك يا سيدي الوزير؟؟؟ أعتذر إن شوشت على مسامعك بهاته الشكوى التي لن تصلك، فالجمرة يحس بها من هي تحت قدمه، لكن كالعادة يا سيدي الفاضل ننتظر فالبالون ينتفخ ثم ينفجر وإن انفجر ماذا نفعل يا سيدي؟؟؟

ننفخ بالون آخر ربما؟؟؟

وتستمر الحياة ….

مجرد رأي مواطن

الأنترنت هذا الوحش الوديع

الأنترنت هذا الوحش الوديع

          استدعاه صديقه ذات مساء على عجلة من أمره لمناقشته في أمر هام أراد أن يستشيره فيه، فذهب إليه قلقا فقد أحسس من نبرة صوته أن الأمر خطير،

وصل في الموعد المحدد إلى المقهى الشعبي الذي اتفقا على اللقاء فيه فوجده يرتشف فنجان قهوة ويدخن سيجارة مطأطأ الرأس كئيبا حزينا، فأسرع إليه وألقى التحية قائلا:

؛ - ما لأمر يا صاحبي فكأنك تحمل هموم الدنيا على ظهرك؟ وما هذه السيجارة التي بيدك ألم تتوقف عن التدخين منذ سنوات؟؟؟؟

صافحه صاحبه مدعيا البسام قائلا: هي الدنيا بتقلبات أيامها يا صاحبي فكما يقولون دوام الحال من المح 75;ل…

جلس بجانبه وطلب فنجان قهوة والتفت إليه قائلا: هي أخبرني ما لأمر فلا بد أن الأمر في غاية الأهمية ولولا ذلك ما استدعيتني في مثل هذا الوقت

تنهد من أعماقه مترددا كيف يفتح الموضوع ثم استجمع قواه قائلا:

كما تعلم يا صاحبي أن لدي ولدان  وكلاهما في سن المراهقة الأكبر في العشرين والأصغر في السادس عشر ومع إلحاحهما الشديد لإدخال الأنترنت للبيت بعد ملهما من مقاهي الناث لبحوثهما الدراسية والتواصل مع العائلة والأصدقاء رضخت لطلبهما بعد أن جمعتهما ذات مساء وأخبرتهما أن الناث سلاح ذو حدين ففيه الخير وفيه الشر وليس مجرد بوابة للمعلومات فقط فأرجوا أن تتفهما ذلك وتستعملانها فيما يرضي الله ويزيد من علمكما وثقافتكم، فلا تخيبوا ظني بكما يا ولداي العزيزان.

- وماذا بعد؟

- كانت حياتنا قبل الناث هادئة مفعمة بالحيوية، والسعادة تغمر العائلة كلها، فقد اعتدنا الاجتماع بعد العودة من صلاة العشاء بالمسجد وتناول وجبة العشاء، ارتشاف فناجين الشاي في شرفة المنزل نتبادل أطراف الحديث ونناقش شتى المواضيع ونحاول أنا وزوجتي الإجابة عن كل تساؤلاتهما واستفساراتهما مرحين مدخلين روح الدعابة والنكت بين الفينة والأخرى

- جميل، علاقة عائلية وطيدة يا صاحبي فماذا حدث بعدها؟

- بعد أيام من إدخال الناث بدأت الأمور تتغير،فقد صار جل وقتهما مع جهازبهما ولمدة طويلة، ظننت في البداية أن الأمر ما هو إلا حب الإكتشاف ثم سيملون مع مرور الوقت لكن إدمانهما زاد أكثر فأكثر، في البداية كانا يرافقان للمسجد ويعودان بسرعة البرق للبيت تاركان في الطريق ثم صارا يتحججان لعدم مرافقتي للمسجد ورغبتهما في الصلاة بالبيت، لم أزجرهما لذلك تاركا الأمر للأيام منتظرا ملهما من هذا الأنترنت، ولم يعودا يرغبان في الجلوس معنا في شرفة البيت ولا ارتشاف فناجين الشاي، وإن جلسا فلدقائق لارضائنا ثم يفران منا كمن يفر ممن أصابه الجرب .

انقلب الوضع ولم نعد نشعر بالسعادة التي كانت، لم يعودا يهتما بدخولي او خروجي لا مرحبان ولا مودعان، صارا يسهران لساعات طويلة كل في غرفته وينهضان صباحا كسالى ذاهبان للمدرسة بعيون منتفخة…

وفي أحد الأيام نهضت كعادتي لصلاة الفجر فرأيت ضوء خافت في غرفة الابن الأكبر فضننت أنه استيقظ لصلاة الفجر فهرعت إليه لأرى ان كان سيرافقني للمسجد

ففتحت الباب دون طرقها وياليتني ما فعلت ابني امام الشاشة طوال الليل وأول ما شاهدت في تلكم الشاشة اللعينة مشهد جنسي تقشعر له الأبدان

احمر وجهي واختنقت أتفاسي غضبا وكدت أهجم عليه هجوم شرسا لكني استجمعت حلمي وغلقت الباب في صمت كأني لم أرى شيئا

ارتجف جسدي ودق قلبي بقوة واشمئزت نفسي لكل هذا وسالت دموع من عيناي لأجل ذلك، لم أتوقع أن أرى ما رأيت فقد ظننت أن ما غرست في ولداي من تربية صالحة ومبادئ وقيم ستشفع لي لأرى ولداي على صواب، لم أظن أن الشيطان سيدخل بيتي من بابه الواسع,,,

سرت للمسجد بخطى متثاقلة أدعو الله أن يغفر لي ما جنيت على نفسي وعلى أسرتي وتضرعت إليه طويلا لأجل ذلك,,,

في الصباح وبعد أن ذهبا الو لدان للمدرسة أردت أن أتأكد مما رأيت وأن أراقب ما يفعلا ولداي على الناث، أخبرت أمهما بما حدث فانهمرت بالبكاء فطلبت منها أن نستكشف المواقع الاكثر زيارة من جهازيهما…

لم أتوقع يوما أن أتجسس على ولداي لكني فعلتها هذه المرة لصالحهم، في كلا الجهازين وجدت الدلائل اللازمة التي تثبت أن الشيطان حاضرا دائما.

وها أنا الآن محتارا ماذا أفعل الآن ولهذا لجأت إليك يا صاحبي علك تخفف عني هذه المعاناة التي أثقلت كاهلي…

- الأمر محرج فعلا يا صاحبي ولست أدري ما عساي أقول؟؟؟ فأنت تعلم أن الأنترنت عالم قائم بذاته في جانب المعلوماتية ولا غنى لأحد عنها، فإن قطعتها عنهم قطعت باب واسع للمعرفة والتثقيف، وإن تركتها تركت باب الشر مفتوحا في أي لحظة، ربما عليك مناقشتهما الأمر.

-  أراه الخل الأمثل ولو أنه غاية في الإحراج فلم يحدث أن ناقشت أبنائي في مثل هذه الأمور…

- لست الوحيد الذي يعاني من مثل هذه المشاكل يا صاحبي فهناك الكثير من الأسر والأفراد الذين يعانون من مثل هذا… ولنقل أن الأمر يعتبر حرب نكراء غير معلنة على القيم والمبادئ الإسلامية ومحاولة تقديم أبنائنا وأجيالنا نحو هاوية الفساد الخلقي.

أتعلم يا صاحبي أن الآلاف من المواقع الإباحية ملك للعرب بدعم يهودي، فنشر الرذيلة بهذه الطريقة في المجتمعات العربية يخدم اليهود بالدرجة الأولى، فمتى تفكر أجيالنا في الجهاد وتحرير فلسطين مادامت غارقة في البحث عن المتعة المحرمة…

إن الإشكال يا صاحبي يحتاج لوعي أكبر بأهمية الرسالة السامية التي يجب أن تغرس ابن عن أب وأب عن جد وفي كل الأجيال

فأنصحك يا صاحبي أن تجمع ولداك على طاولة النقاش وتعلمهما بحقيقة الأمر بأنه لا يتوقف عند مشاهدة العري الإباحي ولكنه يمتد لمحو روح العفة والحياء من مجتمعاتنا ونشر الرذيلة وأقلمتها فيه.

عليك يا صاحبي أن تعلمهم أننا في حرب غير معلنة على ديننا الحنيف وقيمه العالية فلنعد العدة بغرس هذه القيم والمبادئ في أبنائنا وعلينا أن نكون قدوة لهم في ذلك.

عليك يا صاحبي أن تعلمهم أن الله حاضر في كل حين ويجزي الخير بالخير والشر بالشر، عليهم أن يعلمو أن لحياتنا في الدنيا نهاية فإما الجنة وإما النار.

أخبرهما مثلا النهاية المأساة لفتاة وجدت متوفاة أمام الشاشة عارية وهي تتأمل مثل هذه المواقع

أخبرهما بمثل هذه النهايات كيف ستقابل ربها يوم الدين فالموت قادم لا محالة وفي أي لحظة…

كلامك يا صاحبي أراحني وأزاح عني هما ثقيلا

******

وعاد للبيت ذاك المساء ناد على ولداه لشرفة البيت كما كان يفعل قبل دخول هذا الوحش الوديع بيته، وقبل أن يجلسا همَا بالاستئذان متذرعان ببحوث لهما في دراستهما

حدق فيهما مليا ففهما أن عليهما الجلوس، وطلب من زوجته إعداد صينية الشاي كالعادة,,,

جلسا في صمت فبادرهما بالسؤال:

- متى كانت آخر مرة جلسنا هذا المجلس؟

- أجاب الأكبر: منذ حوالي أربعة أشهر يا أبي.

- سألهما: ألم تفتقدا شيء طوال هذه الفترة؟

- طأطأ الأكبر رأسه في حين أجاب الأصغر: أفتقد أحاديثك يا أبي، نصائحك، توجيهاتك، أفتقد نكتك ودروس الحياة التي تعلمنا إياها في كل مرة

وجه نظره نحو الأكبر قائلا: وأنت يا بني ألم تحن لما حن إليه أخاك؟

- أجاب: أحن إلى ذلك يا أبي.

فقال: وماذا عن الناث هل استفدتما منها كما ينبغي

- أجابا : نعم

فسأل: وهل أسأتما استعمالها؟

- فطأطأ رأسيهما في صمت…

- كرر سؤاله بحزم: هل أسأتما استعمالها؟؟؟

فقد غرس فيهما روح الصدق منذ الصغر وكان على يقين أنهما لن يكذبا أبدا…

أجابا معا: نعم، أسأنا استعمالها

فقال: وماذا عن توجيهاتي ونصائحي لكما حين أدخلت الناث بيتنا؟

ألم أنصحكما بالانتباه في استعمالها، ألا تجدان أن هذا عقوق والعقوق مآله الجحيم…؟؟؟

كانت لهجته وهو يكلمهما شديدة حتى اغرورقت عيناهما بالدموع واحمرت وجنتيهما حياء وخجلا…

لم يكلمهما من قبل قط بهذه اللهجة وأحس بأنه قسا عليهما بصوته الجهوري

فهدأ من نبرته الحادة قائلا:

إنكما تلعبان بالنار يا ولداي وهذا الأمر خطير للغاية وعاقبته مريرة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا عملكما المشين هذا سينزع عن وجهيكما ستار الحياء فإن لم تستحيا فافعلا ما شئتما…

أنتما في فترة حساسة وفي هذه الفترة تثار الشهوات ويفترض أن تبتعدا قدر المستطاع عن ما يثير الرغبات لا أن تطلقا العنان للإثارة فتصبان الزيت على النار

هل ضمنتما جانب الموت يا ولداي وهو قادم لا محالة وفي أي لحظة وأنتما تعلمان أن المرء يقوم يوم القيامة على ما مات عليه فتخيلا هذه النهاية…؟؟؟

وماذا عنا كوالدين أترضان لنا النار يا ولداي… ألا تعلمان أن الأبناء يتعلقون برقاب أوليائهم منعا لهما من دخول الجنة أترضان لنا هذا…؟

نحن مسؤولان عنكما يا ولداي فكل راع مسئول عن رعيته وما من قول أو فعل إلا وله رقيب عتيد…

انهمرا بالبكاء حتى أشفق عليهما وهرعا لحظنه معتذران عما بدرا منهما، فسالت دموعه في هذا الموقف المؤثر وهدأ من روعهما داعيا اياهما لتوبة نصوح

عاهداه على ألا يعودا لهذا الأمر أبدا وألا يستعملان الناث إلا فيما يرضي الله واستأذنا بالانصراف

حينها شعر بارتياح تام وانشرح صدره بعد هذا الغم الذي أثقله، وعادت زوجته فوجدتنه مبتسما فسألت عن سر هذا التغير

أخبرها بما جرى وبأنه قام بواجبه في توعيتهما وتحميلهما مسؤولية ما يقومان به وأقناعهما بخطورة الأمر، وقد اقتنعا بوجهة نظره وهذا ما أسعده,

فحمدا لله على ما كان ، ودعا الله أن تكون ذريتهما صالحة تنشأ على طاعة الله ونعيش بقيم ومبادئ ديننا الحنيف.

بقلم عبد الرحيم حراتي

عين على الواقع

العين ترى، فتدفع أحاسيس ما رأت لقلب وفكر يميزان مشهد العين
فيحللان ويستنتجان
فيبتسم الثغر
وتبكي العين
الواقع تفرضه حقائق الأمور، وفي كواليس الحياة
نعيش المشاهد
فيدق القلب
وينزف القلم
فانزف يا قلمي فليس لك سوى أن تنزف
عبد الرحيم حراتي