2009-12-08

*إني أغرق...!!!* (خاطرة)

*إني أغرق...!!!*

إني أغرق في مستنقع الجمود

بين ثنايا الظلام والأمل الذؤوب

أبحث عن طريقي ودربي المعهود

أحاول ألا أكون إنسانا جحود

ناكرا للمعروف على الناس حقود

إني أغرق!!!

غرقي بطالة تخنقني خنق الفهود

لفريسة وقعت صيدا موعود

غرقي فقر ممدود

امتدت شرايينه حتى نخاع مصلود

غرقي وطر موصود

في حب امرأة تنير درب جنة المحمود

إني أغرق!!!

الزمن من حولي يسير

وأنا باهت في مكاني أسير

وأسأل أي مسار سيأخذني

أي حياة ستغرقني؟

الزمن من حولي يسير

وأنا تائه وراء سراب عسير

أحاول ولوج بوابة الأفق

حيث ضوء الشمس ولو نزر نزير

�3;ني اغرق!!!

قلمي جفت دموعه من كثرة الخطاب

ومكاتبة أهل العقد والحل النهاب

ودق كل النوافذ والأبواب

لم أطلب الكثير لملئ الجراب

ولم أحلم يوما بقصر فوق السحاب

إني أغرق!!!

إني اغرق ويداي مكبلتان

لا بالحديد بل بسلطة إنسان

أرى هاويتي بين عيناي المغمضتان

لا بمعصم، بل بانكسار وجدان

إني أغرق!!!

فقد تهت بحثا عن أشلاء إنسان

كريم كرامة امرئ لا يهان

عزيز بين أهله بشرف مصان

فهل سأنجو من غرق محتوم

بعمل يعيد بسمة مظلوم

وحتى أجد حلي الموسوم

لا زلت أغرق وأغرق وأغرق...

بقلم: عبد الرحيم حراتي

على مشار ف الثلاثين (خاطرة)

image010 على مشار ف الثلاثين

لازال والدي يمنحني مصروف جيبي المتين

لازالت أمي تختلس لي من ميزانية البيت الأمين

لازالت أختي المعلمة تمنحني الدينار الأربعين

لازال أخي البناء يمنحني كل يوم سيجارتين

على مشار ف الثلاثين

لا زالت أحلامي مجرد أوهام شاب عليم

لا زالت طموحاتي مجرد نزوة إنسان سقيم

لا زالت أفكاري برميل نفط عظيم

لازالت نزواتي خربشات طفل سليم

على مشار ف الثلاثين

لازلت أذكر اني رغبت في عمل

يصون كرامتي ويحفظني من الزلل

يمنحني قوتي في إثبات الذات والأمل

يحقق حاجاتي باستقرار ونسل

على مشار ف الثلاثين

لازلت أذكر أني رغبت في زوجة

تعينني على الدنيا وللبحر موجة

وتتمسك بي حين تكون الرياح هوجا(ء)

لا زلت أذكر أني لست علوجا

على مشارف الثلاثين

لازلت أحلم ببيت وسكن

لا زلت أحلم بهدوء وأمن

لازلت أحلم بخبز وجبن

لا زلت أحلم باستقرار في وطن

بقلم: عبد الرحيم حراتي

 

*اجتمع القادة* خاطرة

*اجتمع القادة*

اجتمع القادة يا سادة

اجتمع القادة

اجتمعوا في ليلة ظلماء

تحت فراش ووسادة

تساءلوا وهم في لباس النوم

عن جدوى لقاء القادة

ألينددوا بكل إبادة

أليعلم شعوبهم أنهم في الريادة

بلغني خبر اللقاء يا سادة

فما ابتسمت والبسام عادة

وما حركت ساكنا والسكون عبادة

فكم من لقاء جمع القادة

بعد اذن امريكا راعية السيادة

وعلمها بالتقرير قبل اجتماع السادة

نندد اصطلاح لا يغيب في العادة

عن قرارات مبجلينا كما لا تغيب الشهادة

نندد بقوة والقوة هنا جرادة

والجراد قوي في بيئة الجرادة

فلسطين تكافح بلا هوادة

بأشلاء الموت وطالبي الشهادة

بسفك الدماء ويتم الثكالى

بدموع النساء والحصار والإبادة

العراق بلعنة أمريكا

وفتنة الهرج تأمل السيادة

وعروبتنا من الداخل تنعي

الفقر والحرمان

وديننا يشكو قلة النصح والنسيان

اجتمع القادة يا سادة

ولعل في إعادة اللقاء إفادة

بقلم: عبد الرحيم حراتي

افعل ما شئت… فكما تدين تدان (قصص)

افعل ما شئت… فكما تدين تدان

لججت عالم القصة حديثا جدا، فوجدته عالما ساميا أوسع بكثير من العوالم الأخرى لقدرة الفكرة القصصية عن التعبير العميق وعن الرسالة السامية التي يمكن إيصالها من خلال القصص لكل روح قارئة لا زالت تنبض بالحياة.

فأحببت هذا العالم، وأردت أن تكون لي مكانة فيه من خلال مداد قلم وشموخ أفكار سجينة تحاول أن ترى النور من خلال لمسات ونثرات. فكم أرجوا أن أوفق لما اصبوا إليه.

لطالما قرأت وسمعت عن مقولة كانت تهزني هزا وتخلق في قشعريرة الخوف من زلة تحسب ونتيجة آلية تترقب كما تدين تدان.

أردتها اليوم قصة أو بالأحرى مجموعة من القصص تحمل أحداثها في طياتها عنواننا، وهي قصص واقعية لأناس أعرفهم حق المعرفة، فمن أين أبدأ؟

عرس كبير أقيم في قريتي المحافظة، دعي إليه العام والخاص من كل حدب وصوب، كيف لا وهو عرس الابن البكر لأحد أعيان القرية وأقربهم لقلب أبيه، مان مهرجانا، أختلطت فيه شتى أنواع الموسيقى من مزامير وطبول ورقص وزغاريد تملأ المكان…

وصلت العروس لبيت الزوجية بجمع غفير وفرح وسرور كبير، وفجأة تقع أم العريس أرضا مغميا عليها، فهٌرع إليها، وعند استيقاظها بدأت في العويل والصراخ، فسُألت عن السبب فقالت أنها أكتشفت أن العروس حامل وفي شهرها السادس، اصطدم الجمع الغفير بهذه المفاجأة الكارثية، وبدأ الناس بالإنسحاب في صمت من هول الفضيحة، كيف لا وهي الحادثة الفريدة بقرية نائية محافظة، لم تشهد حدث كهذا من قبل قط…

جن جنون والد العريس فدخل بيت العروس وأخذ تفي كسر وتمزيق كل ما وصلت إليه يداه، وكاد يحرق البيت بما فيه لولا توسلات الأهل والأقارب…

حاول قتل عروسه بسكينة حادة لولا تدخل ابنه لمنعه، طلب منه أن يطلقها فورا فرفض لأنه المسؤول عن كل هذا، فطرده وعروسه من بيته مقسما بالله ألا يسامحهما أبدا، فحمل العريس عروسه وانسحب في صمت لوجهة مجهولة حتى الآن….

في خضم كل هذه الأحداث، شوهد التاريخ يعيد نفسه، فقد علق البعض عن الحادث بقولهم:كما فعلت أمها تماما فتساءلنا، ماذا فعلت أمها؟ فلا أحد يعلم شيئا عن الأمر، فقيل، حاول أهلها تزويجها غصبا عنها برجل لم ترضاه زوجا، ففرت مع عشيقها لتضع أهلها أمام أمر الواقع، فعادت حامل بابنتها هاته متزوجة بعشيقها،ـ فها هي البنت تفضح كما فضحت أمها من ذي قبل، فافعل ما شئت فكما تدين تدان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

**********

      كان يبدو كهلا طيبا متواضعا، يمتهن تجارة الألبسة والتجوال بين البيوت والمنازل عارضا سلعه على أهلها، محبوب من طرف الجميع لإخلاصه في عمله وقناعته برزقه.

في ليلة عرس افتقدت شابة أمها الأرملة فعادت للبيت بحثا عنها، لجت الباب وأشعلت الأنوار فشاهدت مشهدا لا أظنها ستنساه أبدا، أمها تضاجع هذا الجار الخائن، فبدأت بالصراخ بكل ما أوتيت من قوة حتى بلغ مسامعها من كان في العرس، فهرع إليها بعض الأقارب فوجدوا الرجل يهم بالهروب عاريا والأرملة تستر جسدها ببعض الثياب، فأشبعوا الرجل ضربا مبرحا وفر منهم، وبلغ مسامع الناس ما حدث فكانت الفضيحة قاسية على أهل كل من الرجل والأرملة، فصيحة تحدث عنها الناس لشهور وشهور، وفقد الرجل كرامته ومكانته في مجتمعه ليصبح أضحوكة الكبار والصغار يتغامزون عليه عند حضوره، رغم أنه بادر لتصحيح خطأه بالزواج من هذه الأرملة لكن عاره بقي يلاحقه، فقبل أيام من موعد زفاف ابنته يعلن الخاطب فسخ خطوبته على الملأ، وأعلن أن الخطيبة صارحته أنها ليست عذراء، فقد فقدت عذريتها في مداعبة لأحد عشاقها قبله، فانفضح أمرها كفضيحة والدها…

وأعلنت عنوستها بيدها فمن سيقترب من فتاة غير عذراء؟

وصمت الأب عند بلوغه الخبر، فلم يحرك ساكنا، وما عساه يقول وقد كان قدوة لابنته، استسلم للتاريخ وحال لسانه يقول:افعل ما تشاء، فكما تدين تدان.

**********

كان شابا مستهترا، محتكرا منحة أمه السخية عن باقي أخواته المتزوجات اللاتي كنا ينعمن بفقر مدقع، ترجونه أن يعينهن على أمورهن ببعض المال فهو حقهن أيضا، لكنه تمنع ورفض، فلم يستطعن رفع أمره للمحاكم فهو أخوهن الوحيد، فصبرن في صمت…

كان يستمتع بسرد أحداث مواعيده الماجنة مع موامس الليل وفتيات البغاء بالمدينة على الملأ، نصحه البعض بالستر فكل معافى إلا المجاهرون، لكنه لم ينتصح…

تزوج امرأة لا تعي حقوق الزوجية، فخانته مع ابن اخيه، فكانت الفضيحة من المعيار الثقيل، فضيحة أدخلته المحاكم ولا زالت، وانسحبت أمه الراعية قاطعة عنه منحتها، فصار بلا مصدر رزق، فهو لم يعمل قط ولا يحب العمل مادام المال بيده في كل حين، فصار عالة على نفسه لا يجد حتى لقمة يومه، وفصيحة خيانة زوجته تلاحقه، أبعدت عنه الناس لعدم قدرته على تطليقها واستمرار معاشرته لها.

فجنى ثمار ما زرع من قطع الرحم والمجاهرة بالمعاصي فافعل ما تشاء فكما تدين تدان.

**********

خطب ابنة عمه دون اقتناع، وكان يواعدها ليلا فكانت تجمعهما ليال حمراء، وشاع الخبر بين الأهل لكن لا أحد تكلم بحكم أنه سيتزوجها عما قريب، لكنه فاجأ الكل يوما بفسخ خطوبته، فقد بدت له ساذجة لا تليق بمقامه وثقافته العالية، خبر زعزع أهله وأهلها، فهي ابنة عمه من لحمه ودمه وحدث كهذا سيدمر العائلة، حاول الجميع اقناعه بالعدول عن رأيه فهدد بالإنتحار إن عاد…

الحدث أدخل العائلتين في حرب أهلية مصغرة، شجارات لا تنتهي وصراع بالعصي والأسلحة البيضاء، نزاعات في كل مرة أدخلتهم دوامة المحاكم والقضايا لا زالت تتراكم ولا زال الصراع مستمرا…

شاب وسيم متخلق ذو مكانة مرموقة يرى أخت هذا الشاب، فيقع في غرامها ويعزم على خطبتها، فهي آية في الجمال وتبدو متخلقة للغاية…

يشاور أحد أصدقائه المقربين في الأمر، فإذا به يفاجأه :لا أنصحك بذلك

لماذا؟

إنها عشيقة فلان وهو ينام معها ثلث الليل في فراشها.

وقفة صمت وحيرة، بسمة شكر للنجاة من الوقوع، تأمل ببصيرة للجزاء بالجزاء وحكمتنا المعهودة كما تدين تدان وقول الشافعي من زنى زني به ولو بحائط بيته

لم يستر ابنة عمه فلم تٌستر أخته، فعلها الأخ، ففعلتها الأخت…

فافعل ما تشاء فكما تدين تدان

وتستمر الحياة بقصاص إلهي عادل بجزاء في الدنيا والآخرة.

بقلم: عبد الرحيم حراتي

قصــــــــة كفـــــاح

قصــــــة كفاح

         ياه… يا ما في الدنيا من قصص حياة فيها من العبر الكثير الكثير، تأخذنا بعيدا بعيدا في عوالم المعاناة والصبر على المكاره حتى يأتي الله بفرجه الكبير…

هو صاحبي رفيق دربي لأعوام خلت بين الثانوية والجامعة ارتأيت للحظة أن أدون للتاريخ مأساته في الدنيا عل وعسى يعتبر ذوي الألباب، فياما في الدنيا من عبر…

تخلى عنه والده وهو في بطن أمه مهاجرا بلا عودة، تاركا إياه لأمه مع أخ معوق وأختين للفقر والحرمان فلا معيل يعيل ولا مواس يواسي، لا زال يذكر بأسى أيام صباه حينما كانت أمه ترسله ليقتات من بيت خاله، فكانت زوجة خاله تخفي عنه الطعام أو تنتزع الملعقة من يده أو تطرده من على المائدة في  وسط أبنائها، لا زال يذكر أرقه الشديد كل ليلة وتلويه من شدة الجوع، لا زال يذكر هذا بحرقة…

كانت العناية الإلهية هي كل ما يملكون في الدنيا، لا زال يحدثني عن الأحداث الغريبة التي يتعرض إليها كل مرة تثبت له أن الله حاضر برحمته التي وسعت كل شيء

حدثني ذات مرة عن خروجه يوما من كوخه متجها للمدرسة والدموع في عينيه من شدة جوعه فقد نام والجوع يخدشه واستيقظ على آلام الجوع أيضا، وفجأة في طريقه ورقة مالية من فئة 200 دج تسوقها الرياح إليه سوقا، يتأملها مكذبا عيناه ما رأت هارعا إليها مسرعا لأول محل تجاري فيقتني الكثير من الخبز والمواد الغذائية عائدا بها إلى البيت فرحا منتظرا ترحابا من أهله، دخل الكوخ وعيناه تغمرهما السعادة وأسرع لأمه مقدما لها هذا الكنز الذي هم في أمس الحاجة إليه، تفاجأت الأم بعودة ابنها فأسرعت إليه سائلة:

-           لماذا لم تذهب للمدرسة يا بني ؟

فرد بفرح متجاهلا سؤالها: أنظر ماذا أحضرت يا أمي

لكنها عاجلته بصفعة قوية على وجهه سائلة من جديد: لماذا لم تذهب للمدرسة يا بني؟

اغرورقت عيناه بالدموع وشعر بنكران الجميل فقد ظن أن والدته ستأخذه في حضنها شاكرة أياه على ما أحضر من طعام,

تبسمت الأم عندما دمعت عيناه وقالت: بني لقد آثرت الطعام على المدرسة، والمدرسة أهم من الطعام يا بني، فبدراستك وبعلمك ستحضر الطعام وتحقق كل أمنياتك في الحياة، فلن أسمح لك أبدا بالتخلي عن دراستك مهما كانت الأسباب ومهما كانت الظروف,

وذات مرة وهو على أبواب البكالوريا فرغم ذكائه الحاد وقدراته على التحصيل إلا أن همه كان متعلقا بإعالة أمه وأخواته ففي حين كان كل زملائه يدرسون بجد ليل نهار كانت جل أوقاته يقضيها في تفريغ حمولات الشاحنات لمواد البناء مقابل أجر زهيد عل وعسى يشبع أفواه أهله الجائعة، وذات مرة ونتيجة إرهاقه لم يعد قادرا على هذا العمل، فبقي الأهل بلا طعام لأيام إلا من صدقات الجيران التي تأتي بين الفينة والأخرى

كان متجها للثانوية وكل تفكيره في الطريقة التي يحصل بها على المال لإحضار الطعام لأهله، فجأة يناديه أحد جيرانه فيذهب إليه، فيمنحه مبلغا من المال، فسأله لمن هذا المال؟

فأجاب الرجل: كنت مسافرا بالحافلة فركب بجانبي رجل فبدأنا نتبادل أطراف الحديث ثم سألته عن لقبه العائلي فوجدته مثل لقبك فأخبرته أن لدي جيران بلقبه فأسعده ذلك ورغب في التعرف عليكم أكثر، وعند محطته منحني هذا المال على أن أقدمه لكم عربون تحية وسلام، وها قد بلغت أمانتي,,,

تعجب صاحبي لهذا الرزق يأتي من حيث لا يحتسب ، وحينها زادت قناعته أن الله لن يضيعهم أبدا فلم يعد هذا يقلقه أبدا، فاسترجع همته ونشاطه ودرس بجد واجتهاد فنال البكالوريا بتفوق واختار أصعب الأسلاك وأكثرها كفاحا ألا وهو سلك الطب، ومن جديد يجد نفسه أمام   واقع لا يرحم فالجامعة تتطلب مصاريف إضافية وهندام محترم ولباسه رث، فقد تخلى عن دراسته عام كامل لأنه لم يجد حذاء يلبسه، فلا زال يذكر ذاك الألم الذي تعرض له عندما كان لصاحبه حذاء رياضي استعاره منه لينتعله عند ذهابه للجامعة وبعد أيام  لبسه ذات صباح متجها إلى محاضراته عندما هم بالخروج من غرفة الحي الجامعي ناداه صاحبه من فراشه لا تأخذ حدائي فأنا بحاجة إليه  اليوم، قشعريرة من أخمص القدمين حتى أخر شعرة في رأسه لكلام صاحبه، وهو يعلم أنه لا يملك حذاء، حينها عاد إلى الخلف نزع الحداء وأعاد محفظته لخزانته واستلقى في فراشه مسلما أمر دراسته لأقداره في الحياة، سنة كاملة قضاها في الحي الجامعي متخل عن دراسته رغم محاولة زملائه إقناعه بالعودة إلا أن كل محاولتهم باءت بالفشل، ولا أحد عرف السبب الحقيقي من وراء قراره المفاجئ,,,

وتعود ألقدرة الإلهية من جديد لتتحكم في مسار هذا الشاب الذي ما عرف في الدنيا للسعادة طعم، فقد حمل إليه ساع البريد رسالة من زوجة أبيه بالمهجر فيها مبلغ معتبر من المال، أعادت له ولأهله الأمل في الحياة لأشهر بعدما صارت ترسل لهم المال بانتظام، لكن فرحة المسكين لم تستمر فقد طالت يد الموت هذه الزوجة الكريمة فانقطع عنهم ما كان يعيلهم

لكنه استمر في كفاحه بالجمع بين الدراسة والعمل حتى أنهى دراسته وحصل على دبلومه كطبيب، وبدأ الصراع من جديد في عالم البطالة الغريب، طبيب يطرق الأبواب بحثا عن عمل يسترزق به فلا يجد له مكانا في مجتمعا متحجر، -غريب أمرك يا وطني غريب امرك- فقد كانت الوضعية من الخدمة الوطنية غير مسوية، وكل وظيفة تفتح بابها الا وكان الشرط تسوية الوضعية من الخدمة الوطنية أول ما يسأل عنه,,,

عان المسكين كثيرا في عالم البطالة، فكان يقتات من أعمال البناء، وكم كان العارفين بأنه طبيب يتعجبون من المآل الذي أوصله هذا الموصل متأسفين عن وضع البلاد التي صار فيها الأطباء ينافسون عمال البناء في أعمالهم،

وها هي رحمة الله الواسعة تفتح أبوابها بعد أن سدت كل الأبواب البشرية، حبيبة قلبه تتنازل له عن دبلومها متخلية عن وظيفتها كطبيبة عائدة للمكوث في بيتها، فاقترض المال وفتح عيادته التي صارت تدخل أرباحا وفيرة نتيجة جديته في عمله وطيبته مع كل زبائنه

فتحسن وضعه وها هو على أبواب الزواج بالفتاة التي ضحت بالكثير لأجله وسيتوجان عروس وعروسة بعد أيام ليستقرا بسعادة بعد أن اقتنى منزلا محترما له ولأهله، ورفرفت السعادة أخيرا حول هذا الصديق المكافح في الحياة

فلندعو الله له بدوام الهناء وسعادة لا تزول

وتستمر الحياة…

بقلم: عبد الرحيــــم حراتي